· فلنقل خيراً أو لنصمت:
اعلم يا أخي أن الله عز وجل قد توعد من يؤذي أولياءه بالحرب، فإذا لم تسلم لهم على ما هم عليه، فاتركهم وشأنهم، وكن كما قال سيدي ابن عليوة: لا تصدقونا ولا تكذبونا، فإنك إن فعلت هذا سلمت، وإن كذبتهم، فيخشى أن يقال فيك حديث: "خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟" ، فما ظهر ولي لله عز وجل، إلا وانقسم فيه الناس إلى ثلاثة أقسام: إما محب، أو مبغض، أو لا هذا ولا هذا فظل على الحياد، {وإن يكُ كاذباً فعليه كذبه وإن يكُ صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم}.
فإياك إن رأيت شيخاً عليه سيما الصلاح أن تقلل أدبك معه أو تتكلم عليه بالسوء، فتؤذيه فتؤذي الله، فيوشك الله أن يأخذك انتصاراً لمن آذيته.
قال الشيخ أحمد في جامع الأصول: ((إن الإنكار على السادة الصوفية الذين يتبعون السنة ويقمعون البدعة، وخصوصاً المتحلين منهم بالعلم النافع والعمل الصالح والحاملين للمعارف والأسرار الربانية، الإنكار عليهم سم قاتل ومهلكة، وَرَدَ الوعيد الشديد في النهي عنه وهو أمر خطير، دليل على أن في القلب إعراض عن ذات الله عز وجل وأنه مليء بالأمراض يخشى عليه من سوء الختام والعياذ بالله، والعياذ بالله.
فالوقيعة في العلماء والصالحين هي أدل دليل على انطماس البصيرة، وإعراض القلب عن الله عز وجل، حتى يستدرجه الله إلى الهلاك من حيث لا يشعر، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.
وذكر العلامة الشعراني في الطبقات الكبرى عن الإمام أبي تراب النخشبي وهو من كبار مشايخ الصوفية وغيره: ((إذا استأنس قلب المرء بالإعراض عن الله ابتُليَ بالاعتراض على أهل الله، ومحبة أهل الله وخاصته هو الإكسير الأعظم وعداوتهم سم قاتل، وفقني الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه ورزقنا حبه وحب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وحب من يحبه آمين)) .
وليطمئن قلبك أنقل لك ما قاله الإمام جلال الدين السيوطي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(وقد تأملت الأمور التي أنكرها أهل الشرع على الصوفية فلم أرى صوفيا محققاً بقول شيء منها[1] وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادعوا أنهم صوفية وليسوا منها))[2] .
وأختم هذه الرسالة بقول الإمام السبكي رحمه الله:
((ومن الفقهاء فرقة متنسكة تجري على ظواهر الشرع, وتحسن أوامر الله ونواهيه إلا أنها تهزأ بالفقراء وأهل التصوف, ولا تعتقد فيهم شيئا, ويعيبون عليهم السماع وأموراً كثيرة.
والسّماع قد عرف اختلاف الناس فيه, وتلك الأمور قل أن يفهمها من يعيبها, والواجب تسليم أحوال القوم لهم, وإنا لا نأخذ أحدا إلا بجريمة ظاهرة, ومتى أمكننا تأويل كلامهم وحمله على محمل حسن, لا نعدل عن ذلك, لا سيما من عرفناه بالخير ولزوم الطريقة ثم لو ندرت لفظة عن غلطة أو سقطة , فإنها عندنا لا تهدم ما مضى.
وهذه الطائفة من الفقهاء التي تنكر على المتصوفة مثلها مثل الطائفة من الترك التي تنكر على الفقهاء .
وقد جربنا فلم نجد فقيها ينكر على الصوفية إلا ويهلكه الله تعالى, وتكون عاقبته وخيمة.
ولا وجدنا تركياً[3] يهزأ بالفقهاء إلا ويهلكه الله تعالى وتكون عاقبته شديدة، فسبيل هذه الطائفة التوبة إلى الله تعالى وحسن الظن بخلق الله تعالى لا سيما من انقطع إلى الله تعالى واعتكف على عبادته ورفض الدنيا وراء ظهره .
هذا علاج داء هذه الطائفة وأنا أظنهم يتوبون فإني جربت فوجدت القلوب منقسمة إلى :
- قابل للصلاح وطريق الفقر وذلك تراه منقادا لطريق الفقراء معتقدا من غير تعليم .
- وغير قابلة ولا تراها تنقاد وإن انقادت في الظاهر لم يفدها الانقياد لأن هؤلاء القوم لايعاملون بالظواهر, ولا يفيد معهم إلا الباطن ومحض الصفاء, وهم أهل الله تعالى وخاصته, نفعنا الله تعالى بهم, وأكثر من يقع فيهم لا يفلح))[4] اهـ.
وفقنا الله لمحبته ومحبة أوليائه وجزى الله عنا شيخنا خير الجزاء وأسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة المتواضعة كل من قرأها
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وصلى الله على سيدنا محمد إمام المرسلين وعلى آله الطاهرين وصحابته المحسنين وسلم تسليماً
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين