بسم الله ذي الحَمْد المَجِيد، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد خير العبيد، ثم على المُبَشِّرين به وآله وصحبه وخلفائه وورثته إلى يوم المَزيد.
وبعد: فإن " المبادئ " تُمَكِّن الناسَ من تصَوُّر الشيء قبل الشّروعِ فيه؛ لِيَضْبطوا مسائلَه الكثيرة، ويكونوا في تطلُّبِها على بصِيرَة. وهي عشرة مبادئ:
الاسـم: وهو: ( تَصَوُّف )؛ مِنَ ( الصَّفَاء )، اصطلاحاً لا اشتقاقاً؛ فإن العلماءَ المتخصّصين أطلقوا اسمَ ( صُوْفِي ) على العَبدِ المُتَحقِّق من تَزْكِيَة النّفْس؛ نِسْبَةً للفعل إلى الله تعالى، أي: صَفَّاه اللهُ تعالى وصَافَاه؛ قال الله تعالى: { والذين جاهَدوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنا }، ثمّ إنهم جعلوا ذلك مَصْدَراً اشتَقُّوا منه اسمَ ( تَصَوُّف ) للعِلْم، و( مُتَصَوِّف ) للمُرِيْد: وهو المُجاهِدُ لنَفسِه طلباً للتزكيَةِ ابتغاءَ وجهِ الله تعالى.
الحَـدّ: وهو: أعْمَالُ الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ الْمُزَكِّيَة للنَّفْسِ.
و( الظاهر ): الآداب، وهي: الأعمال الظَّاهِرَة ( أي: أعمال الجوارح )، كالذِّكْر.
و( الباطن ): الأخلاق، وهي: الأعمال الباطِنَةِ، كالتَّقوى ( من حيث هي خُلُق باطِن ).
المَوضُوع: وهو: أعمالُ النُّفوس ظاهِراً وباطِناً مِنْ حَيْث التَّزكية.
الوَاضِـع: وهو: اللهُ تعالى: أوحاه إلى رُسُله وأنبيائِه، وألهَمَهُ خَوَاصَّ أوليائه.
الاستمداد: وهو: مِنَ القرآن الكريم والسُّنَّة الشَّريفة.
.
الحُكـم: وهو: الوجوب العَيْنِي في غير القُرُبات؛ قال الله تعالى: { فاستَقِم كما أمرت }، مبيِّناً وجوبه على كل مسلم مُكلَّفٍ، فلا يسعه تركه، إلا ( القُرُبات )، وهي الأعمال التي طلب فعلَها على وجه الندب والاستحباب، لا الفرض والإيجاب؛ بحيث تكون سبباً للرِّفْعَة والزِّيَادة، وتَمَام العَمَل بالعبادة.
المَسَائل: وهي: أعماله وآثارها والمصطلحات فيه.
النِّسْبَة: وهي: الأصوليَّة؛ قال الله تعالى: { واتقوا الله ويُعلمكم الله }، مبيّناً أن التصوف: أصل للتحقّق من كُلِّ عِلْم وفنٍّ.
الفَضْل: وهو: الشَّرف الحقيقي؛ لتعلقه بالله تعالى، وتحقيقه معنى العبوديَّة. قال الله تعالى: { ومَن أحسَنُ دِيْناً مِمَّن أسْلَمَ وجهَهَ لله وهو محسن }، { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون .. }، والصُّوفيَّة رضي الله عنهم: هم أولياء الله تعالى حقاً؛ إذ أسلموا له وجوهَهم، فكانوا معه في كلِّ عَمَلٍ ظاهر أو باطن.
الثَّمَرة: وهي: التَّحَقُّق من الألوهيَّة والعُبُوديَّة كما قال الله تعالى: { فاعلم أنه لا إله إلا الله }، وتحصيل المعارف الدِّيْنِيَّة، والتحلي بالأخلاق المحمدية، فالإحسان بالعبوديَّة، والتنعم بالرَّحمة الأبديَّة، ونوال المكارم الدنيويَّة والأخرويَّة؛ قال الله تعالى: { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا }، { للذين أحسنوا الحُسنى وزيادة }، { ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولإن استعاذني لأعيذنَّه } ..