سؤال جواب في التصوف الطريقة القادرية البودشيشية نمودجا-متى ظهرت الطريقة القادرية البودشيشية؟من المعلوم أن الطريقة البودشيشية طريقة قادرية ، وبالتالي فباعتبارها فرعا يتفرع عن السند الصوفي النبوي، فإن تسميتها الأولى التي تميزت بها ترجع إلى الشيخ مولاي عبد القادر الجيلالي قدس الله سره (المولود سنة 470 هجرية ) ، أي أن هذه التسمية الأولى يرجع تاريخها إلى القرن الخامس الهجري .أما التسمية الثانية والتي هي البودشيشية، فظهرت بعد أن انتقلت فروع القادرية إلى المملكة المغربية . وقد ظهرت التسمية بالضبط في حياة الشيخ سيدي علي بن محمد، أحد أجداد الشيخ سيدي حمزة القادري بودشيشي (الشيخ الحالي للطريقة)، وقد لقب هذا الجد بهذا اللقب لأنه كان يطعم الناس طعام الدشيشة أيام المجاعة بزاويته ، فاشتهر بذلك ،وعرفت الطريقة منذ ذلك الوقت بالطريقة القادرية البودشيشية .
- من هم أهم شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية؟من بين شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب الذين احتفظ لنا التاريخ بذكرهم : الشيخ سيدي علي بن محمد القادري بودشيش ، والشيخ سيدي المختار بن سيدي محي الدين القادري بودشيش(توفي سنة 1914) ، والشيخ سيدي أبي مدين بن المنور القادري بودشيش(توفي سنة 1957)وهو ابن عم سيدي المختار. وقد حصل على سر التربية و الإذن فيها بعد مجاهدة شاقة ،وبفضله خرجت الطريقة من مرحلتها التبركية إلى المرحلة التربوية. والشيخ سيدي العباس بن سيدي المختار بودشيش(توفي سنة 1972)وهو ابن سيدي المختار تلقى تربيته الروحية عن سيدي أبي مدين الذي عينه وارثا له من بعده في الإشراف على الطريقة . والشيخ سيدي حمزة بن سيدي العباس القادري بودشيش الشيخ الحالي للطريقة(ازداد سنة 1922) .
ما هي أهم الأدوار التي قاموا بها؟من المعلوم أن الشيخ الصوفي يسعى إلى تحقيق دور أساسي هو دور الدلالة على الله ، والدعوة إليه بالتي هي أحسن، وتربية النفوس، وهو ما قام به شيوخ التصوف عبر القرون، وخصوصا شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية. ولكن الظروف التاريخية التي عايشها بعض شيوخها ممن ذكرنا جعلتهم يقومون بأدوار متميزة ،حفظتها لهم الكتب والوثائق التاريخية ، فقد اشتهر الشيخ سيدي علي بن محمد بودشيش بدور الإطعام في أيام المجاعات ،وخصوصا طعام الدشيشية الذي كان الغالب على قوت أهل البلد. أما الشيخ سيدي المختار بن محي الدين فقد عايش فترة دخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب ، لذلك فقد قاد جيوش مقاومة الاستعمار بالمغرب الشرقي ، وشكل خصما عنيدا اعترفت الكتابات الفرنسية بقوته وصلابته ، وبالخسائر التي كبدها للجيوش الفرنسية بقيادة الجنرال الليوطي ، وقد خربت الجيوش الفرنسية زاويته ،وأحرقت ممتلكاته ، ولم يلق عليه القبض الجنرال الليوطي سنة 1907 إلا بعد جهد جهيد ومعارك ضارية . أما الشيخ سيدي أبو مدين بن سيدي المنور القادري البودشيشي فيرجع له الفضل في تلقيح شجرة الطريقة ،وذلك بسعيه إلى شيوخ تعددت مشاربهم وتنوعت طرقهم ، فأخذت الطريقة على يده أبعادا معرفية ووجدانية متميزة ، مع ما كان يتميز به من تمسك شديد بالشريعة المحمدية .وقد عرف رحمه الله بمعاداته للمستعمر، وأثرت عنه مواقف متميزة في ذلك .أما الشيخ سيدي العباس بن سيدي المختار القادري البودشيشي فقد كان له فضل إعطاء الطريقة بعدا الانفتاح على عصرها ،فبعد أن كانت الطريقة تضم علماء تخرجوا من المدارس العلمية التقليدية ،أصبحت تعرف دخول مثقفين إليها، وتساهم في التربية الروحية للشباب .أما الشيخ الحالي للطريقة الشيخ سيدي حمزة القادري البودشيشي فقد تميز بأدوار مهمة جعلت الطريقة تأخذ بعدا عالميا.
-متى ابتدأت مهمة التربية الروحية في الطريقة القادرية البودشيشية ؟لما كان سند الطريقة القادرية البودشيشية سندا متصلا بالدوحة النبوية الشريفة، فقد عرفت الطريقة التربية الروحية منذ نشأتها ، إلا أنها، كما هو معلوم في تاريخ التصوف ، كانت تحتاج أحيانا إلى ما يسمى بالتجديد الروحي وهو ما وقع في مراحل متعددة من تاريخها ، إلا أن أبرز هذه المراحل هي التي قام بها الشيخ سيدي أبو مدين بن سيدي المنور من خلال قيامه بالبحث عن شيوخ التربية عبر التراب المغربي والأخذ عنهم .
- من يتابع حاليا مهمة تجديد التربية الروحية ؟إن أهم تجديد تعرفه الطريقة القادرية البودشيشية ، هو التجديد الذي برز حاليا على يد الشيخ سيدي حمزة القادري البودشيشي . فقد أصبح للطريقة ،بالإضافة إلى البعد الوطني الذي شمل الطاقات الشابة والفئات المثقفة ، بعد عالمي واسع،إذ أصبحت الطريقة القادرية البودشيشية تساهم في هداية القلوب إلى الإسلام، ليتشبع المهتدون بهديها بعد ذلك بروح الإسلام ، الذي هو التصوف ، وذلك اعتمادا على منهج التربية الروحية . وهكذا وتحت رعاية الشيخ سيدي حمزة القادري البودشيشي أصبحت الطريقة منشرة عبر بقاع العالم ،وأصبحت لها زوايا بأوربا وأمريكا وآسيا وأستراليا، بالإضافة إلى إفريقيا.
- ما هو المسار العلمي والروحي للشيخ الحالي للطريقة ؟نشأ الشيخ سيدي حمزة القادري البودشيشي بمقر الزاوية بمداغ(بالمغرب الشرقي) . حفظ القرآن الكريم منذ صغره . ثم التحق بالمعهد الإسلامي الوجدي التابع لجامعة القرويين حيث حصل على إجازات شيوخه في سائر العلوم الشرعية ، تفسير وحديث وفقه ونحو وغيرها .ثم اضطلع العالم اليافع ،الذي لم يبلغ سنه إلا ثمانية عشر سنة ببث تلك العلوم الشرعية في حلقاته بالزاوية القادرية البودشيشية ، وخصوصا علوم الفقه والنحو والسيرة النبوية .
ثم سمت همته إلى المعرفة الإلهية وتخليص باطنه من العلل فالتقى بشيخه في التربية الروحية سيدي أبي مدين بن سيدي المنور القادري البودشيشي الذي صحبه من سنة من 1942 إلى سنة1955م،و تميزت صحبته لشيخه بالمحبة القوية في الله ،وكانت حياة كلها اجتهاد في العبادة والذكر الكثير وختمات سلك القرآن وسلك دلائل الخيرات .و لم يغادر الشيخ سيدي أبو مدين القادري البودشيشي الحياة حتى بلغ سيدي حمزة القادري البودشيشي شأوا عظيما في باب التصوف ، شهد له شيخه بذلك ،كما شهد لأبيه سيدي العباس ، وبشرهما بأنهما بلغا مرتبة الإذن في التربية الروحية .واقتضى الأدب الشرعي والروحي أن يكتفي الشيخ سيدي حمزة القادري البودشيشي في حياة والده بمد يد المساعدة له في نشر الطريقة ،والقيام بأمور الزاوية . ولم يفتأ الشيخ سيدي العباس يؤكد على الفقراء الطالبين لوجه الله بأن يواصلوا السير إلى الله على يد الشيخ سيدي حمزة .ولم يكتف بهذه الوصايا الشفوية، وحتى يبرئ ذمته أمام الله تعالى، كتب وصية في هذا الشأن وثقت رسميا ،وأوصى بقراءتها على رؤوس الأشهاد قبل أن يوارى جثمانه في التراب.
هل لصحبة الشيخ من تأثير على السير الروحي للمريد؟فكما أن المرء لا يرى عيوب وجهه إلا في مرآة صافية مستوية تكشف له عن حقيقة حاله فكذلك لا بد للمؤمن من صاحب كامل يرى في كماله نقائص نفسه ليعالجها.
فالطريق العملي لتزكية النفوس والتحلي بالكمالات الخلقية هو صحبة الشيخ المربي والوارث المحمدي الذي يستمد من صورة الرسول(ص)المثالية والذي تزداد بصحبته إيمانا وتقوى وأخلاقا وتتأثر شخصيتك بشخصيته وتسرق من طباعه الحميدة ما تمحو به طباعك المذمومة.
الدليل من القرآن
1.قال تعالى:يا أيها الذين آمنو اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. سورة التوبة آية117
2.قال تعالى:واتبع سبيل من أناب إلي. سورة آل عمران الآية15
الدليل من الحديث
1)قال صلى الله تعالى عليه و سلم
المؤمن مرآة أخيه).(رواه أبو داود عن أبي هريرة.)
2)قال صلى الله تعالى عليه و سلم
إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يعطيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة).(رواه البخاري في صحيحه ومسلم في كتاب البر والصلة عن أبي موسى الأشعري)
3)عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله أي جلسائنا خير؟ قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في عملكم منطقة وذكركم في الآخرة عمله.(رواه أبو يعلى)
4)عن عمر بن الخطاب قال:قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم قال:إن من عباد الله لأناسا ماهم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا يارسول الله فأخبرنا من هم؟ قال هم قوم تحابوا بروح من الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور ولا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية:ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون.(رواه أبو داود)
أقوال العلماء
1)قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره المشهور عند تفسير سورة الفاتحة:الباب الثالث في الأسرار العقلية المستنبطة من هذه السورة(الفاتحة) فيه مسائل... اللطيفة الثالثة:قال بعضهم:إنه لما قال:اهدنا الصراط المستقيم لم يقتصر عليه بل قال:صراط الذين أنعمت عليهم وهذا يدل على أن المريد لاسبيل له إلى الوصول إلى مقامات الهداية والمكاشفة إلا إذا اقتدى بشيخ يهديه إلى سواء السبيل ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل وذلك لأن النقص غالب على أكثر الخلق وعقولهم غير وافية بادراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط فلا بد من كامل يتغذى به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل الكامل فحينئذ يصل إلى معارج السعادات ومعارج الكمالات.( تفسير مفاتيح الغيب المشهور بالتفسيرالكبير للإمام فخر الدين الرازي.ص: 142)
2)يقول عبد الواحد ابن عاشر الفقيه الملكي في منظومة العقائد والعبادات المسماة )(لمرشد المعين)مبينا ضرورة صحبة الشيخ المرشد:
يصحب شيخا عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك
يذكره الله إذا رآه ويوصل العبد إلى مولاه
يحاسب النفس على الأنفاس ويزن الخاطر بالقسطاس
ويحفظ المفروض رأس المال والتنفل ربحه به يوالي
ويكثر الذكر يصفو به والعون في جميع ذا بر به
يجاهد النفس لرب العالمين ويتحلى بمقامات اليقين
يصير عند ذلك عارفا به حرا وغيره خلا من قلبه
فحبه الإلاه واصطفاه لحضرة القدوس واجتباه
2)قال الطيبي صاحب حاشية الكشاف:لاينبغي للعالم ولو تبحر في العلم حتى صار واحد أهل زمانه أن يقتنع بما علمه وإنما الواجب عليه الاجتماع بأهل الطريق ليدلوه على الطريق المستقيم حتى يكون ممن يحدثهم الحق في سرائرهم من شدة صفاء باطنهم ويتخلص من الأدناس وأن يجتنب ما شاب علمه من كدورات الهوى وحظوظ النفس الأمارة بالسوء حتى يستعد لفيضان العلوم اللدنية على قلبه والاقتباس من مشكاة أنوار النبوة. ولا يتيسر ذلك عادة إلا على يد شيخ كامل عالم بعلاج أمراض النفوس وتطهيرها من النجاسات المعنوية(...)فقد ألح أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان شيخا له يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله بقلبه ليصبح حضوره وخشوعه في سائر العبادات من باب مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ولاشك أن علاج أمراض الباطن واجب. فيجب على كل من غلبت عليه الأمراض أن يطلب شيخا يخرجه من كل ورطة وإن لم يجد في بلده أو إقليمه يجب عليه السفر إليه.(تنوير القلوب للشيخ أمين الكردي الشافعي44-45.)
ما هي ثمرات هذه التربية الروحية؟.هي تحصيل المقامات القلبية: كالتوبة والمحاسبة والخوف والرجاء والمراقبة ..
والصفات الخلقية:كالصدق والإخلاص والصبر التي يتحلى بها السالك في طريقه إلى معرفة الله تعالى معرفة ذوقية بالتحقق بمقام الإحسان الذي هو مقام الشهود الذي لانهاية لمراتبه.
ما هي آداب التربية الروحية؟.فآداب المريد مع شيخه هي آداب باطنة وظاهرة.
فالآداب الباطنة هي:
*الامتثال لشيخه امتثال المريض لطبيبه
*أن يعتقد فيه تمام أهليته للتربية والإرشاد
*أن يكون صادقا في طلبه للحق مع تجريد إرادته عن الأغراض والمصالح.
*أن يعظم شيخه ويحفظ حرمته حاضرا وغائبا.
أما الآداب الظاهرة فهي أن يلزم السكينة و الوقار في مجلسه.
أما آدابه مع إخوانه في الطريقة هي:
*أن يحسن الظن بإخوانه ولا يشتغل بعيوبهم ويكل أمرهم إلى الله تعالى.
*أن يتواضع لهم وينظر إليهم بعين التعظيم حتى يستمد من أنوارهم.
*أن يقبل اعتذارهم إذا اعتذروا.
*أن يصلح ذات بينهم إذا اختلفوا.
*أن يدافع عنهم إذا أوذوا أو انتهكت حرماتهم.
*أن لا يطلب الرئاسة عليهم لأن طالب الولاية لا يولى.
ما هي خصوصيات التربية الروحية عند الشيخ الحالي للطريقة؟.
تتجلى خصوصيات التربية الروحية عند الشيخ الحالي للطريقة القادرية البودشيشية في كونه لا يشترط على المنتسب الجديد للطريقة سوى التصديق في شيخها والمواظبة على أورادها دون زيادة أو نقصان فيحصل له أولا التحلي بأنوار الذكر ثم التخلي عن السلوكات غير المرضية ثم تلوح له لوامع التجلي في قلبه وهذا خلافا للمعتاد في الطرق الصوفية الأخرى حيث يسبق التخلي التحلي والتجلي. ويبدو أن المنهج التربوي للشيخ حمزة متناسب مع العصر حيث يصعب على الإنسان الذي يريد أن ينخرط في سلك التربية أن يتخلى أولا لصعوبة ذلك بسبب غلبة الأهواء وقوة تأثير النفس الأمارة بالسوء .
ما هي وسائل التربية الروحية المعتمدة في الطريقة القادرية البودشيشية؟.
الوسائل التربوية المعتمدة:
*الذكر الفردي.
*الذكر الجماعي.
*الإتصال بالشيخ
ولكل من هذه الوسائل أثرها الخاص في سلوك المريد بحيث لا يمكنه الاستغناء عن بعضها دون البعض الآخر إذ هناك من الأمراض الباطنية ما لا يعالجه إلا الذكر الفردي ومنها ما لا يعالجها إلا الاجتماع في حلق الذكر الجماعي ومنها ما لا يمحوها إلا الاتصال بالشيخ.
الدليل على الذكر الفردي:
1) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم : يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني. فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه. (أخرجه البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي وبن ماجه).
2) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم
سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله)....(وذكر منهم:رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه(أخرجه البخاري في صحيحه).
الدليل على الذكر الجماعي:
1)عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم قال
إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا.قالوا:وما رياض الجنة؟قال:حلق الذكر).(أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات).
2)عن أبي هريرةوأبي سعيد الخذري قال:قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم :مامن قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده.(أخرجه مسلم في كتاب الذكر والترمذي في كتاب الدعوات).
3)عن أنس قال:قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم :إن لله تعالى سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم.(رواه البراز).
ما أنواع الأذكار الملقنة في الطريقة؟.هي إما أوراد فردية يرددها المريد يوميا وهو مختل بنفسه.
وإما جماعية يرددها المريدون في اجتماعهم اليومي بين العشاءين والتي تسمى بالوظيفة.
ثم هناك أذكار أخرى خاصة.
كيف تفسرون الأحوال التي تعتري المريد أثناء الذكر أو ما يسمى بالحضرة؟
فكما أن الأحوال الشيطانية تعتبر شيطانية بالنظر للباعث عليها الذي هو الغناء أو الطرب الماجن فكذلك الأحوال الربانية هي نتيجة طبيعية لذكر الله تعالى وفيضان محبته على القلب تنفعل معها الروح ومعها الجسم الذي تسكنه. و إنكار الأحوال ناتج عن كونها تشكل "الرصيد الشعوري"غير المدون من السنة النبوية لعدم قابلية الأحوال للتدوين.ذلك أن أحوال الرسول عليه الصلاة والسلام الباطنية لم تدون في الكتب ويبقى إدراكها رهينا بالمعايشة الوجدانية وبالاحتكاك الروحي بروحانيته صلى الله عليه و سلم محبة و تعلقا.
التأصيل الشرعي
*عن أنس قال:كانت الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ويقولون بكلام لهم:محمد عبد صالح فقالصلى الله تعالى عليه و سلم ماذا يقولون؟ فقيل:إنهم يقولون محمد عبد صالح.(أخرجه الإمام أحمد في مسنده).
فإقرار الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم لهم دليل على جواز ذلك.
*قال أبو أراكة:صليت مع علي صلاة الفجر فلما انتقل عن يمينه مكث كأن عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين ثم قلب يده فقال:والله لقد رأيت أصحاب محمد(ص)فما أرى اليوم شيئا يشبههم لقد كانوا يصبحون صفرا شعثا غبرا بين أيديهم كأمثال ركب المعزى قد باتوا الله سجدا وقياما يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله ما دوا(أي تحركوا) كما يميد الشجر في الريح وهملت أعينهم حتى تبتل والله ثيابهم .(أخرجه أبو نعيم في الحلية)ج:1 ص:76.
ما هو موقع الشريعة من التربية الروحية؟.الشريعة شجرة ثمرتها الحقيقة .ولا يمكن تصور ثمرة بدون شجرة .ولذلك لا يمكن الدخول إلى حضرة الله إلا من الباب الذي عينه الله للدخول منه عليه وهو باب الشريعة التي هي مجموع الأوامر و النواهي .وبمقياس الشريعة أمكن التمييز بين الصوفية و أدعياء التصوف،وبين القوم والدخلاء عليهم.
-هل هناك نماذج لشيوخ التربية الروحية؟.نعم هناك نماذج لشيوخ التربية عرفها التاريخ الإسلامي من أمثال :سيدي عبد القادر الجيلاني ، سيدي أبو الحسن الشاذلي، مولاي العربي الدرقاوي، سيدي أحمد التيجاني وغيرهم ممن حصلوا على مقام التربية الروحية.إلا أن طرقهم أصبحت طرقا تبركية بوفاة مشايخها إذ من المعروف عند الصوفية أن مدد الشيخ الحي يتوقف بوفاته.
بمذا يتميز الشيخ المربي الحي صاحب مقام التربية الروحية؟.لا بد من توفر أربعة شروط تؤهل الشيخ لمقام التربية والإرشاد:
1)أن يكون عالما بالفرائض العينية.
2)أن يكون عارفا بالله.
3)أن يكون خبيرا بطرق تزكية النفوس.
4)أن يكون مأذونا في التربية و الإرشاد.
- وما هي علاماته؟.*أنك إذا جالسته تشعر بنفحة إيمانية ومدد غيبي يسري منه.
*أنك تنتفع به قريبا أو بعيدا شرط التصديق فيه كما تستفيد من كلامه وحركته وسكونه.
*كما أن آثار صحبته تظهر على مريديه من صور الإيمان والإخلاص والاستقامة والتقوى والتواضع...
*أن مريديه ينتمون لمختلف الشرائح الاجتماعية.
-هل يكفي التعاطي للأذكار دون متابعة الشيخ المربي؟.يكون من يتعاطى للأذكار دون متابعة الشيخ المربي كمن يتعاطى للدواء دون استشارة الطبيب مما يعرضه للآفات كما هو معلوم، فذكر الله تعالى بكل صيغه دواء لأمراض القلوب وعلل النفوس. وكل هذه الصيغ هي مركبات نورانية مستخرجة من عيادة الطب النبوي .وبما أن صيغ الذكر كثيرة ومتنوعة ولكل صيغة تأثير قلبي خاص على علة من العلل فإن العارفين أطباء القلوب في هذا الباب وورثة الرسولصلى الله تعالى عليه و سلم يأذنون لمريديهم من عناصر الطب النبوي ما يناسب أحوالهم وحاجاتهم ويرقيهم في السير إلى اللهعز و جل.
ما هو السند الروحي للشيخ الحالي للطريقة القادرية البودشيشية؟.كان عمدة الشيخ أبو مدين في طريق التصوف خاصة(حسب ما ذكر في الجزء الخامس من"معلمة المغرب")هو ابن عمه المجاهد سيدي المختار المتوفى سنة1914م وهو جد سيدي حمزة لأبيه. وقد أخذ سيدي المختار عن والده الشيخ الحاج محيي الدين، عن الحاج المختار، عن الشيخ المختار- الأول-عن سيدي محمد-فتحا-عن سيدي علي، عن أبي دشيش، عن سيدي محمد، عن سيدي محمد، عن سيدي محمد، -ثلاثة محمدين على التوالي-عن الشيخ أبي دخيل ،عن سيدي الحسن، عن سيدي شعيب، عن سيدي علي، عن سيدي عبد القادر ،عن سيدي محمد، عن سيدي محمد- محمدان اثنان- عن سيدي عبد الرزاق-الثاني - عن سيدي اسما عيل، عن الشيخ عبد الرزاق- الأول-عن والده الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين عبد القادر الجيلاني قدس الله سره سنده إلى مولانا رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم.
هل هناك توافق بين الانتماء الصوفي ومقتضيات الحياة العصرية؟.الصوفي ابن وقته فهو يشارك الناس في متطلبات الحياة إلا أنه يتميز بنظرة خاصة للحياة تجعله مراقبا لله ومستحضرا له في كل أوقاته. وهذه النظرة تجعله فاعلا ومنتجا ومتخلقا في نفس الوقت في أي موقع من مواقع المهام أو المسؤولية.
كيف يحصل الوعي لدى المريد بوجود سير روحي؟.
يحصل للمريد وعي بوجود سير روحي بمقارنته بين حالتين:حالته التي كان عليها من الغفلة عن الله قبل الانخراط في سلك التربية الروحية وحالته بعد الذكر والتي يشعر فيها باتصال روحه بعالم نوراني تترقى فيه روحه من حالة إلى حالة ومن مقام إلى مقام.
ماذا يستفيد إنسان اليوم من التصوف؟يستفيد منه تحقيق التوازن بين متطلبات النفس ومتطلبات الروح والذي بدونه يختل الوجود الإنساني ويصبح مصدر قلق واضطراب.
فمهمة التربية بتأمينها غذاء يوميا للروح و الذي يتمثل في أنوار الذكر تضمن للروح توازنها دون أن تصرف الإنسان عن تلبية المتطلبات المشروعة لنفسه.