[center]r=green]]إن أهم الأولويات في العلاقة مع الشيخ المرشد هي خمس أولويات: حسن الظن والتسليم والامتثال والأدب والحياء. لأن الأدب بل العلاقة عموماً مع الشيخ المربي هي الامتداد الطبيعي للأدب والعلاقة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن العلماء هم ورثة الأنبياء.
1. التسليم: هو الأولوية التالية بعد حسن الظن. وهي أول بداية للسالك في طريقه فلا سلوك من غير تسليم ولا علاقة أصلاً من غير تسليم. ونعني هنا التسليم القلبي لا تسليم الجوارح. فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما} 65 النساء.
2. الامتثال: وهذا الامتثال مقدم على العمل نفسه. بل إن عدم الامتثال فيه التهلكة. قال صلى الله عليه وسلم يوم الصلح لأم سلمة رضي الله عنها: هلك المسلمون أمرتهم فلم يمتثلوا. وذلك عندما أمرهم بالتحلل من الإحرام وذبح الهدي. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم} 24 الأنفال.
3. الأدب: وعكسه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} 2 الحجرات. فسوء الأدب محبط للعمل أي أنه يذهب بأجر الطاعة نفسها، وأمثلة سوء الأدب كثيرة في زماننا حيث ترى المتدين يصلي في المساجد لكنه لا يتأدب مع العلماء والصالحين بل قد يسب أئمة المسلمين وينتقص من قدرهم ويجعل من نفسه نداً لهم إن لم يكن أعلى شأناًً، ولسانهم يقول هم رجال ونحن رجال.
4. الحياء: والحياء أعلى مراتب العلاقة مع الشيخ المرشد لأن محله القلب، فقد تجد المريد المتأدب مع شيخه لكن قلبه لا يستحيي منه. فيفعل بغيابه ما لا يفعله في حضرته وهذا يدعى متأدب لكن لا يوصف بالحياء. أما المريد الحيي فهو الذي يستحيي من شيخه حتى في غيابه لأنه مهما غاب عنه جسده فروحه معه وصورته لا تفارقه، لأن الشيخ المربي رقيب على طاعات السالك لربه وإخلاصه العمل لرب العالمين دون رياء ولا شبهة كما هي الكعبة التي أمرنا بالتوجه إليها في الصلاة والدعاء رغم أن التوجه الحقيقي لله وحده. وأما كيف نصل إلى مقام الحياء فذلك يحتاج إلى رسوخ مقامي الأدب والمراقبة. لأن من تربى على التأدب في حضرة الشيخ المرشد و تعلم فن المراقبة لقلبه استحيى من شيخه. أخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما الله عز وجل". وقال صلى الله عليه وسلم الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاّ بِخَيْر وقال أيضاً: الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً. وَالْحَيَاءُ شْعْبَةٌ مِنَ الإيمان. وقال أيضاً: الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلّهُ". وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء).
ولكن قبل كل هذه الأولويات في العلاقة مع الشيخ هنالك أولوية في العلاقة مع جميع المؤمنين ومن باب أولى في العلاقة مع الشيخ ألا وهي حسن الظن لأن سوء الظن في الشيخ هو القاطع الذي يحرم من المدد والصلة والخير كله، فكيف تستفيد من شيخ تظن به سوءً أو تتوهم أن له مصلحة مع أحد من الناس أو أنه لا يعدل في حكمه بين الإخوان، أو أنه يميل لواحد دون الآخر لأمر شخصي. والحقيقة أن الشيخ المرشد لا يكون شيخاً إلا بعد أن يخرج عن حظوظ نفسه وهواه ويكون متبعاً لأمر الله في كل شأن فلا مصلحة شخصية له في أي أمر ونهي إلا مصلحة أتباعه ووفق الشرع الحنيف. ومقدار البعد أو القرب من الشيخ إنما يكون بمقدار القرب والبعد من الله تعالى، أي أن القريب من الله قريب من الشيخ والبعيد من الله بعيد من الشيخ، طبعاً نحن نتكلم عن بعد معنوي وليس البعد الحسي أو الجسدي.[/size]